جامعـــة الأزهــر الشــريف
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا
قسم التفسير
وعلوم القرآن
(ملخص رسالة)
شبهات المستشرقين حول تعدد القراءات القرآنية
دراســــة
نقديـــة
إعداد الباحث
أحمـد
إمـام عبد العزيـز عبيـد
إشـــــراف
أ.د/ سيـــد يوسف اللبــانأستــاذ
التفسـير وعلوم القــرآن المتفرغ
بالكلية |
|
أ.د/ نبيل محمد الجوهري
أستــاذ
ورئيـس قســم التفسـير |
|
|
|
1427هـ ـ
2006م
الحمد
لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد ،
وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما
بعد
فإن هذا البحث هو جهدي المتواضع قدمته للحصول على
درجة التخصص (الماجستير) في التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بطنطا – جامعة
الأزهر.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
تبرز
أهمية هذا الموضوع ؛ حيث يتعلق بالقراءات القرآنية ، وهى بدورها تتعلق بالقرآن
الكريم ، وقد حاول المستشرقون كثيراً فى بحوثهم أن يشككوا فى القرآن الكريم
ومصدره.
وكان
بحثهم فى القراءات القرآنية لهذا السبب ، فقد تحدثوا عن أسباب تعدد القراءات ،
وحاولوا بكافة الطرق أن يرجعوا ذلك إلى أسباب بشرية خارجة عن إرادة الله – تعالى -
، فأولا ً: ادعوا أن سبب ذلك خلو الكتابة العربية وقت كتابة المصاحف من الإعجام
والشكل، وثانياً : ادعوا أن سبب ذلك إضافة بعض الصحابة - رضى الله عنهم - زيادات
تفسيرية على النص القرآنى ، وثالثاً: ادعوا أن سبب ذلك إرادة تنزيه الله – تعالى -
ورسله والصالحين عما لا يليق بهم ، ورابعاً: ادعوا أن سبب ذلك الحرية فى قراءة
النص القرآنى .
ثم
نتيجة لذلك ادعوا أن هناك محاولات بذلت من المسلمين لتوحيد النص القرآنى ، سواء
المكتوب منه أو المقروء ، ورغم ذلك فإن هذه المحاولات - من وجهة نظرهم - لم تنجح ،
إذ ظلت الاختلافات موجودة.
كل
ذلك كان داعياً لى أن أبحث فى هذا الموضوع ، وأنقد هذه الآراء التى لا تمت إلى
الحقيقة بصلة ، وأبين زيفها وعوارها ، وخاصةً أن لهذه الآراء آثار على كثير من
المسلمين الذين يعتبرون هؤلاء المستشرقين أساتذة لهم ، لا يخطئون أبداً ، فيأخذون
أراءهم ويدسونها بين المسلمين ، وذلك مثل الدكتور/ مصطفى مندور الذى تابع أستاذه
بلاشير فيما ذهب إليه من أن الحرية كانت سبباً فى تعدد القراءات القرآنية فيقول فى
فصل تحت عنوان (القراءة بحسب المعنى): "هنالك على الأخص نقطة وقع عليها اتفاق
كثيرين هى : أن القرآن ربما قرئ بأوجه كثيرة ، ولكن الأساس هو أن يحترم
المعنى" ([1]).
مناهج البحث العلمى المستخدمة فى هذه الدراسة:
أولاً: المنهج
التحليلى :
حيث قمت بتحليل آراء المستشرقين إلى عناصرها الأولية ، وشرحها شرحاً مبسطاً ؛ حتى
يتسنى لى الرد عليها ونقدها .
ثانياً :
المنهج النقدى :
حيث قمت بنقد آراء المستشرقين بعد تحليلها وسلكت فى نقدى عدة مسالك :
1- النقد
الإجمالى :
حيث قمت بالرد على الفكرة ذاتها ، مثل الرد على زعمهم فى أن الخط العربى الذى كتب
به الصحف ، كان سبباً فى تعدد القراءات .
2- النقد
التفصيلى :
حيث قمت بالرد على الأمثلة أو الأدلة التى ذكرها المستشرقون على زعمهم
3- النقد
بطريق المخالفة :
حيث قمت ببيان الحق فى بعض الأمور ؛ حتى يتبين الباطل .
خطة البحث لهذه
الدراسة:
قسمت هذه الدراسة إلى :
مقدمة ، ومدخل ، وبابين ، وخاتمة.
أما
المقدمة فقد تناولت فيها الحديث عن أهمية الموضوع ، وأسباب اختياره ، ومنهج البحث
فيه ، وخطة هذا البحث .
وأما
المدخل فقد قسمته إلى مبحثين ، تناولت فى الأول منهما : التعريف بالقراءات
القرآنية وبيان تقسيمها إلى متواترة وغيرها ، وفى الثانى: الحديث عن أهم كتابات
المستشرقين المترجمة إلى العربية التى تتعلق بالقراءات القرآنية.
وأما
الباب الأول فقد خصصته للحديث عن مزاعم المستشرقين حول أسباب نشأة القراءات
القرآنية.
وقسمته
إلى أربعة فصول ، تناولت فى كل فصل منها الحديث عن سبب من هذه الأسباب - من وجهة
نظرهم - ، فالأول : طبيعة الخط العربى الذى كتب به الصحف ، والثانى: إضافة زيادات
تفسيرية على النص القرآنى ، والثالث : إرادة تنزيه الله – تعالى - ورسله والصالحين
عما لا يليق بهم ، والرابع : الحرية فى قراءة النص القرآنى.
وأما
الباب الثانى فقد خصصته للحديث عن مزاعم المستشرقين حول محاولات توحيد النص
القرآنى وتقييمهم لمدى نجاحها .
وقسمته إلى فصلين :
الأول :
محاولات توحيد النص المكتوب .
الثانى :
محاولات توحيد النص المقروء .
وأما
الخاتمة فقد خصصتها للحديث عن أهم نتائج البحث .
والله
أسأل أن أكون قد وفقت فى هذا البحث ، وأن يهدينى لما اختلف فيه من الحق بإذنه ،
إنه ولىُّ ذلك والقادر عليه ، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللهم
على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أهم نتائج البحث :
أولاً : أن الخط العربى
الذى كتب به المصحف ، لم يكن سبباً فى تعدد القراءات القرآنية ؛ نظراً لخلوه من
الإعجام والشكل ـ كما زعم المستشرقون ـ ، بل إن إخلاء المصحف منهما ـ سواء كان
مقصوداً أو لا ـ كان سبباً فى استيعاب القراءات القرآنية الثابتة عن رسول الله r ، والتى لم تنسخ فى العرضة الأخيرة .
ثانياً : أن الزيادات التفسيرية قسمان :
1- عبارة عن توضيحات
وتعليقات على النص ، كان الصحابة يكتبونها فى مصاحفهم ، فجاء من بعدهم وحسبها
قرآناً .
2- عبارة عن قراءات قرآنية كانت موجودة
ثم نسخت .
وكلاهما
شاذ ؛ نظراً لمخالفته شرطاً من شروط القراءات المتواترة ، وهو : موافقة رسم أحد
المصاحف العثمانية ولو احتمالاً ، ومع ذلك يستفاد بها فى التفسير واستنباط
الأحكام وخلافه .
ثالثاً : أن الله ـ تعالى ـ
هو الأعلم بما يليق به ، وبرسله – عليهم السلام- ، وبالصالحين ، من أى شخص آخر ،
فلم ينزل على رسوله r قراءات فيها نسبة شئ من ذلك له أو لرسله أو
للصالحين ، اعتماداً على أنه سيوجد بعد ذلك من يعدل هذه القراءات .
ولو
كان الأمر كذلك من وجود قراءات تنزيهية ، الغرض منها تصحيح النص القرآنى لمحيت
الأولى وأثبتت الثانية .
رابعاً : أنه لم تكن هناك
حرية فى قراءة النص القرآنى ؛ حيث لم يرد عن النبى r ، أو عن أحد من أصحابه –رضى الله عنهم – ما يفيد إباحة هذه الحرية ،
بل ورد عنهم ما يفيد عكس ذلك ، وأن الأصل فى القراءات التلقى لا الاجتهاد .
خامساً : أن النبى r هو الذى طلب من الله –تعالى- إنزال القرآن على سبعة أحرف ؛ للتخفيف عن هذه
الأمة .
سادساً : أنه لم تكن هناك
محاولات لتوحيد النص القرآنى المكتوب ، بل هى مراحل حفظ النص القرآنى ، وفقاً لوعد
الله تعالى } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ
لَحَافِظُونَ
{ (الحجر:9) .
وهذه المراحل هى :
1- حرص النبى r على كتابة القرآن فور نزوله، فلم يمت r إلا والقرآن كله مكتوب .
2- جمع أبى بكر t القرآن فى الصحف ؛ خشية ضياع شئ منه بموت
قرائه ، فكان هذا أول مصحف رسمى اشترك المسلمون جميعاً فى جمعه .
3- نسخ عثمان t الصحف التى جمعت فى عهد أبى بكر t فى المصاحف ، وتوزيعها على الأمصار
الإسلامية ؛ حتى تكون مرجعاً عند الاختلاف .
4- إدخال بعض
التحسينات (الإعجام والشكل) على الخط الذى كتبت به (المصحف) فى خلافة عبد الملك بن
مروان ؛ نظراً لحاجة الناس لذلك ؛ لاختلاط العرب بالعجم ، وظهور اللحن فى الكلام ،
حتى وصل إلى كتاب الله تعالى .
سابعاً : أنه لم تكن هناك
محاولات لتوحيد النص المقروء ، أو إقامة حاجز فى وجه الحرية فى القراءة ؛ حيث لم
تكن هناك حرية فى القراءة أصلاً ، بل قد مر النص المقروء بعدة مراحل :
1- حرص النبى r عند تلقى الوحى على حفظه ، حتى كان مما يحرك
به لسانه وشفتيه ؛ خشية نسيانه فتكفل الله - تعالى- بحفظه فى صدره : } لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ
عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
{ (القيامة :16-19) .
2- حرص الصحابة - رضى
الله عنهم- على حفظ كتاب الله – تعالى- وتلقيه عن رسول اللهr بقراءاته المختلفة ، وتعليم بعضهم بعضاً
؛ حتى اشتهر جماعة منهم بالقرآن .
3- اشتهار جماعة من
التابعين بالقرآن ممن أخذوا عن الصحابة .
4- تجرد قوم للقراءة
والأخذ ، حتى صاروا أئمة يقتدى بهم ، ويرحل إليهم ، أجمع أهل مصرهم على تلقى
القراءة عنهم ، ولأجل ذلك نسبت إليهم .
5- تدوين القراءات
القرآنية فى كتب ؛ لحفظها ، وكان أولاً بجمع قراءات كثيرة فى كتاب واحد ، حتى جاء
الإمام ابن مجاهد فاقتصر على سبعة أئمة ، وتبعه العلماء فى ذلك ، حتى جاء الإمام
ابن الجزرى فأضاف إليهم ثلاثة آخرين ، وقرر العلماء قديماً وحديثاً أنه لم
يتواتر غيرها .
ثامناً : أن تواتر القراءات العشر مازال
موجوداً حتى وقتنا هذا ، ولم يندثر منها شئ ؛ بدليل وجود مؤسسات علمية فى بعض
الدول العربية تعنى بتدريسها ، وتسجيل بعض هذه الروايات إلكترونياً على أشرطة
واسطوانات ، وإنشاء إذاعات وقنوات فضائية خاصة بالقرآن الكريم فى بعض الدول
الإسلامية ، تعنى بإذاعة بعض هذه الروايات .