جامعة الأزهر
الشريف
كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بطنطا
الدراسات العليا والبحوث
قسم التفسير وعلوم القرآن
قضايا
علـــــوم القـــــرآن عند الإمام الطيبي ت 743هـ في حاشيته [فتوح الغيب في الكشف
عن قناع الريب]
على
الكشاف للإمام الزمخشري ت 538هـ
(دراسة استقرائية تحليلية)
رسالة مقدمة لنيل درجة التخصص "
الماجستير "
في أصول الدين في التفسير وعلوم القرآن
إعداد الباحث
عمـــر محمــد أبو شعيشـع أحمـد
إشراف
أ.د/محمد
محمود الصفتي د./ أحمد إمام عبد العزيز
أستاذ ورئيس قسم مدرس التفسير
وعلوم القرآن
التفسير وعلوم القرآن بالكلية مشرفا
مشاركا
بكلية الدراسات الإسلامية
والعربية بدسوق
مشرفا أصليا
1438
هـ - 2016 م
مقدمـــة: بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله الذي أنزل القرآن هداية للمتقين، ومنهجاً للمؤمنين، وأيد رسله بالنصر المبين،
والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وحامل لواء الحمد يوم الدين
محمدٍ رسول الله وعلى آله وصبحه أجمعين، وبعد.
فإن
أحق ما يشتغل به الباحثون، مدارسة كتاب الله، ومداومة البحث فيه والكشف عن علومه
وحقائقه، وإظهار إعجازه، فالقرآن بحرٌ لا ُيدرك غوره ولا تنفد درره، ولا تنقضي
عجائبه، فما أحق الأعمار أن تفني فيه، والأزمان أن تشغل به.
ومن
المعلوم أنه لا يستطيع أحدٌ أن يعمل بالقرآن إلا إذا فهم معانيه، ولن تفهم معانيه
إلا بمعرفة تفسيره، ولا يستطيع أحد أن يخوض غمار التفسير إلا إذا تسلح بعلوم القرآن، فقضايا علوم القرآن إذاً هي مفتاح
الدخول إلي تفسير القرآن الكريم، وتفسير القرآن الكريم هو الموصل في النهاية إلي
العمل بالقرآن العظيم، ولذلك فقد اهتم الصحابة والتابعون، ومن جاء بعدهم من
العلماء والمفسرين، على مر العصور وصولاً إلي عصرنا هذا، فأقبلوا على كتاب الله
مفسرين ألفاظه، موضحين معانيه، كاشفين عن علومه من "أسباب النزول، والقراءات،
والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ..." ... إلي غير ذلك من أنواع الاهتمام
التي أطلقوا عليها مصطلح "علوم القرآن".
ولما
كانت مباحث علوم القرآن بهذه المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، فإني عقدت العزم
على دراسة هذه القضايا، واخترت أحد الأعلام المشهورين في التفسير، ألا وهو العلامة
الإمام الطيبي)[1](
رحمه الله.
وذلك
لأهمية حاشيته على تفسير الكشاف المتمثلة في شموليتها وموسوعيتها، ونظراً لتميز
الإمام الطيبي بالتحقيق والانفراد في بحث قضايا قلّ من تعرض لها، فقد ترك رحمه
الله أثراً واضحاً فيمن بعده، كما تأثر بمن سبقه، كما حفظ لنا أقوال علماء متقدمين
عليه في علوم القرآن، مثل الأنباري(328هـ) والباقلاني(403هـ) ، وجاءت الرسالة تحت
عنوان "قضايا علوم القرآن عند الإمام الطيبي ت 743هـ في حاشيته [فتوح الغيب
في الكشف عن قناع الريب] علي الكشاف للإمام الزمخشري ت 538هـ ، دراسة استقرائية تحليلية. واللهَ أسأل أن يجعل
لنا جميعاً التوفيق خير رفيق، إنه سميعٌ قريب وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ثانياً: أسباب
اختيار الموضوع.
1- لم أجد في حدود إطلاعي- بحثاً تناول دراسة علوم القرآن من
خلال حاشية الإمام الطيبي وتحليلها.
2- توضيح موقف الإمام الطيبي من مسائل وقضايا علوم القرآن،
فالمفسرون جعلوا لمفاهيمها النظرية جانباً تطبيقياً في تفاسيرهم.
3- الإفادة من آراء الإمام الطيبي وترجيحاته في علوم القرآن
الكريم، فحاشيته حوت مباحث كثيرة تستحق أن تفرد في دارسةٍ مستقلة، ولا سيما أنه
متقدم علي الزركشي المتوفي سنة (794هـ) صاحب البرهان في علوم القرآن، والسيوطي المتوفي سنة (911هـ) صاحب الإتقان في
علوم القرآن واللذان يعد كتابيهما مرجعاً رئيساً في هذا .
ثالثاً: الدراسات
السابقة.
رغم بحثي المتواصل واطلاعي، لم أقف على رسالة تناول علوم
القرآن عند الإمام الطيبي، أما ما يتعلق بالجوانب الأخرى في حاشية فتوح الغيب،
فهناك رسائل عديدة منها:
1ـ الإمام الطيبي وحاشيته(فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب)
الجزء الأول من القرآن دراسة وتحقيق، علي مصطفى جابر، رسالة دكتوراة ـ كلية أصول
الدين والدعوة بطنطا.
2ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الغيب للطيبي ت 743هـ دراسة
وتحقيق من أوله إلى الآية117 من سورة البقرة ـ صالح عبد الرحمن الفايزـ الجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة ـ المملكة العربية السعوديةـ رسالة دكتوراه 1413هـ.
3ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب للطيبي ت 743هـ دراسة
وتحقيق من الآيه 117 إلي آخر سورة البقرة. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوره
المملكة العربية السعودية سنة 1414هـ ـ علي بن حميد بن مسلم السناني رسالة ماجستير.
4ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب للإمام الطيبي ت 743هـ
سورة آل عمرآن دراسة وتحقيق حسن بن أحمد بلغيت العمري الجامعه الإسلامية بالمدينة
المنورة، المملكة العربية السعودية ـ رسالة ماجستير سنة 1415ه/ 1416ه.
5ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب للطيبي المتوفي
سنة743هـ دراسة وتحقيق لسورتي النساء والمائدةـ الجامعة الإسلامية بالمدينة
المنورةـ المملكة العربية السعودية ـ صالح بن ناصر الناصرـ رسالة دكتوراه 1415ه.
6ـ فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب للإمام الطيبي (الحسين
بن عبد الله) المتوفى سنة(743هـ) دراسة وتحقيق سورة الأنعام. الجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة المملكة العربية السعوديةـ أمجد علي شاة ـ.رسالة ماجستير. سنة
1416ه
7ـ استدراكات الإمام الألوسي في روح المعاني على الإمام
الطيبي في فتوح الغيب. كلية أصول الدين بطنطا. جامعة الأزهر الشريف. رمضان عبد المنعم
مختار. رسالة ماجستير (قيد البحث).
رابعاً: منهج
البحث.
سلكت في هذا البحث، المنهج الاستقرائي([2])، والمنهج التحليلي([3]).
وقد اتبعت
الخطوات التالية:
أولاً: جمعت
أقوال الإمام الطيبي في القضية، موضحاً رأيه وأدلته، ثم أقوال العلماء، ثم قمت
بدراستها ومناقشتها، حتى خلصت إلي الرأي المختار.
ثانياً: قمت
بنسبة القول إلى قائله، وذلك بتوثيقه من المصدر الخاص بذلك، مع ذكر بيانات المصدر
في أول ورود له بالرسالة.
ثالثاً: قمت
بعزو الآيات القرآنية الواردة في البحث، بذكر اسم السورة ورقم الآية.
رابعاً: قمت
بتخريج الأحاديث من مظانها، والحكم عليها باستثناء ما ورد في الصحيحين.
خامساً: بينت
معاني المفردات الغريبة من المعاجم اللغوية.
سادساً: قمت بترجمة موجزة
للأعلام غير المشهورين .
سابعاً: قمت بعمل فهرس
للأحاديث، حيث ذكرت طرف الحديث، والراوي الأعلى، وفهرس للقراءات، وذلك بذكر اسم
السورة، ورقم الآية والقراءة الواردة فيها ، وفهرس للتراجم؛ مرتبة حسب حروف
المعجم، وفهرس للألفاظ الغريبة، وفهرس للمصطلحات، وفهرس للأبيات الشعرية، وفهرس
للمراجع، وفهرس عام للموضوعات.
خامساً: خطة
البحث.
يتكون
هذا البحث من مقدمة، وتمهيد، وسبعة فصول، وخاتمة.
أما المقدمة فتشتمل على ما يلي:
1-أسباب اختيار
الموضوع.
2-
الدراسات السابقة.
3-
منهج البحث.
4-
خطة البحث.
وأما التمهيد
فيشتمل على ما يلي:
1-
التعريف بمصطلحات البحث (القضايا ـ علوم القرآن).
2-
نبذة عن جهود العلماء في علوم القرآن حتى عصر الإمام الطيبي.
3-
تعريف موجز بالإمام الطيبي وعصره.
وأما الفصل الأول فعنوانه: قضايا الوحي ونزول القرآن الكريم عند الإمام الطيبي.
و اشتمل على سبعة
مباحث:
§ المبحث
الأول: معنى الوحي ومراتبه.
§ المبحث
الثاني: تنزلات القرآن الكريم.
§ المبحث
الثالث: القراءات المتواترة والشاذة.
§ المبحث
الرابع : أسباب النزول.
§ المبحث
الخامس: أول وآخر ما نزل من
القرآن الكريم.
§ المبحث
السادس: المكي والمدني.
§ المبحث
السابع: ترتيب الآيات والسور.
وأما الفصل الثاني فعنوانه: قضايا طرق تفسير القرآن عند الإمام الطيبي.
و اشتمل على أربعة مباحث:
§ المبحث
الأول: تفسير القرآن بالقرآن.
§ المبحث
الثاني: تفسير القرآن بالسنة.
§ المبحث
الثالث: تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
§ المبحث
الرابع: تفسير القرآن بلغة العرب.
وأما الفصل الثالث فعنوانه: قضايا النسخ عند الإمام الطيبي.
و اشتمل على ستة مباحث:
§ المبحث
الأول: تعريفه وبيان حكمته.
§ المبحث
الثاني: جواز النسخ عقلاً ووقوعه سمعاً.
§ المبحث
الثالث: شروطه وما يقع فيه النسخ.
§ المبحث
الرابع: أنواع النسخ في القرآن وأقسامه.
§ المبحث
الخامس: كيفية معرفة الناسخ .
§ المبحث
السادس: الآيات المنسوخة.
وأما الفصل الرابع فعنوانه:القضايا المتعلقة بالمحكم والمتشابه عند الإمام الطيبي.
و اشتمل على ثلاثة مباحث:
§ المبحث
الأول: تعريف المحكم والمتشابه، وبيان المراد بهما.
§ المبحث
الثاني: المحكم والمتشابه في القرآن.
§ المبحث
الثالث: حكم العمل بالمحكم والمتشابه.
وأما الفصل
الخامس
فعنوانه: القضايا المتعلقة بالحقيقة
والمجاز عند الإمام الطيبي.
و اشتمل هذا الفصل على مبحثين:
§ المبحث
الأول: تعريف الحقيقة والمجاز.
§ المبحث
الثاني: وقوع الحقيقة والمجاز في لغة العرب وفي القرآن الكريم.
وأما الفصل السادس فعنوانه: القضايا المتعلقة بدلالات
الألفاظ عند الإمام الطيبي.
و اشتمل هذا الفصل على تسعة مباحث:
§ المبحث
الأول: الأمر في القرآن الكريم.
§ المبحث
الثاني: النهي في القرآن الكريم.
§ المبحث
الثالث: العام في القرآن الكريم.
§ المبحث
الرابع: الخاص في القرآن الكريم.
§ المبحث
الخامس: المطلق والمقيد.
§ المبحث
السادس: المجمل والمبين.
§ المبحث
السابع: النص والظاهر والمؤول.
§ المبحث
الثامن: المنطوق والمفهوم.
§ المبحث
التاسع: المشترك والمترادف.
وأما الفصل السابع فعنوانه : قضايا متفرقة في علوم القرآن.
واشتمل على خمسة مباحث:
§ المبحث
الأول: غريب القرآن.
§ المبحث
الثاني: المشاكلة.
§ المبحث
الثالث: موهم الاختلاف والتناقض.
§ المبحث
الرابع: الفرق بين التفسير والتأويل.
§ المبحث
الخامس: أمثال القرآن الكريم.
الخاتمـــــــــة : واشتملت على أهم النتائج والتوصيات، وأخيرا الفهارس العلمية المتنوعة.
واللهَ أسألُ أن يوفقنا إلى
مرضاته، وأن ينفعنا ويرفعنا بالقرآن الكريم.
الخـاتمـــــــــــة
نسأل الله حسنها
الحمد لله رب
العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
وبعد
فبعد معايشة
البحث آن لي أن أقتطف أهم النتائج، ثم أُتْبعها بالتوصيات
أما
النتائج فمن أبرزها:
أولا: رد الطيبي علي الزمخشري طعنه في قراءة
حمزة ، ورده بعض القراءات المتواترة لمخالفتها القياس اللغوي.
ثانيا: لا
شك أن القراءة الشاذة باطلة عند الطيبي، إلاّ أنه رجَّح جواز الاستشهاد بالقراءة
الشاذة ، على سبيل الاستئناس فقط، بشرط ألا تخالف مذهب أهل السنة .
ثالثا: أنَّ
الطيبي كثيراً ما يربط القراءات بالتفسير ، واختلاف المعنى القرآني باختلاف
القراءات، وهو ما أحسن الطيبي في إبرازه.
رابعا: ذهب
الطيبي إلى عدم جواز نسخ القرآن الكريم بالسُنة النبوية، وهو ما عليه مذهب
الشافعي.
خامسا:
مع كون الطيبي من مدرسة التفسير بالمأثور؛
إلا أنه كان يُمَحِّص الرواية، وينقد الرواة أحيانا، ويعيب على الناقلين عدم
إتقانهم النقل، وهذه شروط معتبرة عنده .
سادسا:
اعتبر
الطيبي القرينة هي العمدة في اعتبار المطلق والمقيد، وذلك لن يتأتى إلا عن طريق
النظر في السياق القرآني.
سابعا:
استشهد الطيبي في حاشيته بمسائل تطبيقية في المنطوق والمفهوم بنوعيه، ولا سيما
مفهوم المخالفة والذي أنكره بعضهم كأبي حنيفة.
ثامنا:
التزم
الطيبي منهج إثبات المترادف في حاشيته مع ترجيح المعنى بقرينة تدل عليه، غالبًا ما
عوَّل فيها على السياق القرآني، ونظم الآيات.
وأما التوصيات:
أولا: أن يُخَصّ هذا
الكتاب بمزيد من الاهتمام؛ لأنه يعد أجلّ الحواشي العلمية على الكشاف لما يحويه من
الجوانب البلاغية، والمسائل الأصولية, وعللها وبناء الكثير من الأحكام والوجوه
التفسيرية عليها.
ثانيا:
دراسة المسائل العقدية التي خالف الزمخشري فيها أهل السنة والجماعة، وتعقيب
الطيبي عليها بدراسة مستقلة.
ثالثا: عرض
المسائل البلاغية المضمنة في حاشية الطيبي، وما تومئ إليه من أوجه الإعجاز القرآني
بدراسة مستقلة.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
([1]) هو الإمام الحسين بن عبد الله بن محمد، شرف الدين الطيبي، من
علماء التفسير والحديث والبيان، ولد في مدينة تبريز بدمشق، ويعد أحد أعلام عصره
علماً وعملاً، وقد أوتي موهبةً فائقة في تحليل النصوص، ، شرح الكشاف شرحاً كبيرا،
وأجاب عما خالف مذهب السنة أحسن جواب، يعرف فضله من
طالعه، صنف الطيبي في المعاني والبيان:" التبيان"، وشرحه في كتاب
سماه:" حدائق البيان في شرح التبيان" ومن روائعه حاشيته على تفسير
الكشاف للزمخشري، سماها "فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب" ، توفي
الإمام الطيبي 743هـ.
- ينظر في الدرر
الكامنة لابن حجر(2/152)، دار الكتب الحديثة، الطبعة: الثانية، 1392هـ/ 1972م
وينظر في البدر الطالع للشوكاني(1/299) مطبعة السعادة. بدون تاريخ