يقول الله تعالى: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد * الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم * يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب * وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار * إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير"
(البقرة: ٢٦٧ - ٢٧١)
«{صدق الله العظيم}»
تأمل:
١ - النداء بيا أيها الذين آمنوا لتخصيصهم بهذا الفعل وهو أخص من يا أيها المسمون
٢ - أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الحلال دون الحرام.
٣ - ومما أخرجنا لكم من الأرض
لبيان نعمة الله عليهم فيشمل ما كسبتموه بمجهود وبغير مجهود والأولى أن الأول ما كسبتموه بمجهود والثاني بغير مجهود حتى لا يكون هناك تكرار ويجوز أن يكون التكرار للتأكيد على أنه كله بدون مجهود وبفضل الله تعالى عليكم وإن كان الظاهر أنه بمجهود منكم ويؤكد ذلك قوله تعالى {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون * إنا لمغرمون بل نحن محرومون } ( الواقعة: ٦٣ - ٦٧)
٤ - ولا تيمموا الخبيث فالإنفاق يكون بالطيب دون الخبيث
٥ - ثم ختام الآية والله هو الغني الحميد
٦ - ثم قال تعالى "الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء" دائما يجعلك تخاف من المستقبل حتى يصرفك عن أبواب الخير ثم لا يكتفي بذلك بل يأمرك بالفحشاء.
٧ - والله يعدكم مغفرة منه وفضلا وكان مقتضى السياق أن يقول فضلا ومغفرة لكنه قدم المغفرة على الفضل لأنها أهم والفضل الزيادة وهذا دليل على أن ذلك فضل من الله تعالى ثم ختام الآية "والله واسع عليم".
٨ - ثم قال تعالى "يؤتي الحكمة من يشاء" فكل شيء بإرادة الله عزو جل" وهذا لا يتنافى مع أن العبد مخير بضم الميم وليس مصير بضم الميم وأنه يكتسب أعماله وذلك يدل على أن الله تعالى هو الحق والعدل ثم قال: ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.
٩ - ثم ختام الآية وما يذكر إلا أولو الألباب وتشديد الذال للمبالغة.
١٠ - ثم تبين الآية التالية أن ما ينفقه العبد وهذا يشمل الواجب والمندوب والنذر ثم خص النذر بالذكر لأنه أقل الإنفاق ففيه يلزم صاحبه نفسه وقد قال عنه صلى الله عليه وسلم إنه يستخرج به من البخيل وبين أن الله عليم به عند الإنفاق سواء أكان واجبا كالزكاة أم مندوبا كالصدقة أو ألزمتم به أنفسكم كالنذر كما يعلم نياتكم هل تريدون به وجه الله تعالى أو رياء وسمعة ثم ختام الآية وما للظالمين من أنصار
١١ - ثم الآية التي تليها تبين أن إبداء الصدقات خير وإخفاؤها خير لكن جاء في الأولى بلفظ فنعما بكسر النون وتشديد الميم وهي من الفعل نعم بكسر النون وذلك للدلالة على تغليب جانب المدح على الأجر وهذا لا يتنافى مع أن العبد مأجور فيها وهذا تبع لنيته إن كان يرجوا به وجه الله أو يخرجها رياء وسمعة
أما إخفاء الصدقة فهو خير من إبدائها عموما وقد يكون الإبداء أولى من الإخفاء في بعض الحالات مثل حث الناس على الاقتضاء به ثم قال تعالى: ويكفر عنكم من سيئاتكم بسبب صدقتكم ثم ختام الآية والله بما تعملون خبير
والله تعالى أعلى وأعلم
كتبه
د/ أحمد إمام عبد العزيز عبيد
أستاذ التفسير وعلوم القران المساعد بكلية أصول الدين والدعوة بطنطا
صباح الجمعة ١٨ / ٧ / ٢٠٢٣م.