أولاً: لابد أن أبين أن القرآن الكريم يختلف اختلافا كليا وجزئيا عن باقى الكتب المنزلة تبعا لاختلاف شريعة الإسلام عن بقية الشرائع السماوية
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية جمعاء منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة فكان من فضل الله تعالى أن تكفل بحفظ القرآن الكريم لأنه معجزة كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم وفي نفس الوقت هو شريعة لأمة الإسلام قال تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (الحجر: ٩)
وإذا أراد الله تعالى شيئاً هيأ له أسبابه فكانت كتابة الآيات فور نزولها عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم جمع القرآن في مصحف واحد في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله تعالى عنه - باشارة من سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه - خشية ضياعه بقتل قراء القرآن الكريم ثم نسخ المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر وتوزيعه على الأمصار في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه - بإشارة من سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه - خشية اختلاف المسلمين في قراءة القرآن الكريم مما ينذر بوقوع الفتن بين المسلمين والاختلاف في قراءة القرآن الكريم
أما الكتب السماوية الأخرى فقد جاءت شريعة لأديان سماوية جيء بها على التأقيت لا على التأبيد فوكل الله تعالى حفظها إلى الأحبار والرهبان فبدلوا وغيروا قال تعالى {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} (البقرة : ٧٥)
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة
أما إعجاز القرآن في تلاوته فذلك لأننا نقرؤه الآن كما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم والسند متصل من عصرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكن لأحد أن يتعلم القرآن إلا بالتلقي مع المصحف ويكفي التلقي لكن لا يمكن الاكتفاء بالصحف (المصحف) وقديما قال العلماء: لا تأخذوا العلم من صحفي ولا القرآن من مصحفي
وقد سمعت قصة حكاها فضيلة الأستاذ الدكتور/ محمد داود أنه كان في مؤتمر خارج مصر وكان لا يزال صغيرا في السن وكان أحد العلماء اخترع جهازا يقيس الفجوات الصوتية لأي كلام وقد جربوه بأصوات كثيرة كلها يخبر الجهاز أن بها فجوات بنسب مختلفة فقال له أحد المشاركين هات لنا قرآنكم نضعه في هذا الجهاز فبات الدكتور محمد داود مهموما بهذا الأمر ثم اتصل بأحد أساتذته فقال له اختر أكثر القراء إتقانا وأعطهم اسطوانة له فوقع اختياره على فضيلة القارئ الشيخ/ محمود خليل الحصري وبالفعل أحضر لهم اسطوانة عليها القرآن الكريم للشيخ الحصري وكانت المفاجأة أن الجهاز أخبر أنه لا يوجد أي فجوة صوتية
فسبحان من هذا كلامه
والله تعالى أعلى وأعلم
كتبه/
د. أحمد إمام عبد العزيز عبيد
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المساعد (المشارك) بكلية أصول الدين والدعوة بطنطا
صباح الأحد ٢٧ / ٨ / ٢٠٢٣م